50 شخصا بينهم أطفال لقوا حتفهم خلال دقائق على يد متطرف إرهابي يميني أسترالي معتوه، عندما فتح النيران على المصلين الساجدين في مسجدين في نيوزيلندا، في حادث لا يقل بشاعة عن تلك المجزرة التي ارتكبها دواعش في سيناء ضد المصلين في قرية الروضة والتي راح ضحيتها 305 مسلما بينهم 27 طفلا.
جريمة "رينتون تارنت" اليميني الأسترالي المتطرف، لا تقل عن جريمة "داعش"، فكلاهما متعطش للدماء، وكاره للحياة والبشر، ويعيش حالة من الإنحراف الفكري والثقافي، وليس الديني في هذه الحالة، لأن كلاهما يقينا لا يؤمن بدين أو يتبنى عقيدة.
جريمة نيوزيلندا ليست الجريمة الوحيدة التي ارتكبها اليمين المتطرف ضد المسلمين فقط، بل ضد أبناء البشرية، وتكشف عن هذا الخطر القادم من الغرب، ويوازي في خطورته الخطر القادم من الشرق، فالأول متمثل في اليمين المتطرف، ولا يقل بشاعة عن خطر النازية، والثاني خطر بشع من أفراد يعيشون في عصور من الظلمات، ويوازيهم هؤلاء القتلة المحتلين للأراضي الفلسطينية، والداعمين لعناصر التطرف واليمين الإسرائيلي العاشق للدم وأكل حقوق أصحاب الأرض.
وتمثل جريمة "رينتون تارنت" على المسجدين في مدينة " كرايست تشيرش" النيوزيلندية" تأكيد على حالة الكراهية والعنصرية التي تتزايد في الغرب ضد المسلمين بصفة عامة، حيث هناك من يعتبرهم تهديدا للأمن القومي الغربي، وضد المفاهيم الثقافية الغربية، وسط حالة من الصمت الغربي، والتي تنتهي بجرائم دموية يروح ضحيتها أبرياء، وصلت إلى المصلين الآمنين الراكعين الساجدين في بيوت الله.
ومن أهم ملاحظات في جريمة "تارانت" استخدام أسماء تحمل دلالات تاريخية ذات مفاهيم سلبية في تاريخ العلاقات بين المسلمين والغرب، مثل كتابة كلمات منها فيينا 1683، تلك المعركة التي هزمت فيها الجيوش الأوروبية جيش الدولة العثمانية، كمثال للعنصرية البغيضة، ثم ذكر اسم الطفلة "إبا أكرلوند"، التي قُتلت في هجوم إرهابي وقع بمدينة استكهولم قبل عامين وتحديدا في 2017.
حادث مدينة " كرايست تشيرش" الإرهابي حتما لن يكون الأخير، فتاريخ الكراهية من اليمين الغربي المتطرف ليس وليد اليوم، والتشدد يتزايد يوما بعد يوم، وهو لا يقل ضراوة عن التشدد الإرهابي وبنفس الوتيرة من المتطرفين بيننا والكارهين للآخر، بل الكارهين لأبناء جلدتهم.
ومن هنا جاءت مطالبة الدول العربية والإسلامية بضرورة التوصيف الدقيق لجريمة الأسترالي "رينتون تارنت" بأنه عمل إرهابي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لنصل إلى توافق دولي حول مفهوم الإرهاب ومرتكبيه، ولوضع رؤية مواجهة، طال انتظارها، للإرهاب الذي يستعر ليس في الشرق فقط بل في الغرب بنفس الوتيرة، خصوصا مع سهولة حمل السلاح، والترخيص به في الغرب، خلافا للشرق، الذي يضع ضوابط علي اقتناء كل أنواع السلاح.
ولا شك أن هذه المرحلة البغيضة في تاريخ البشرية، تستلزم من الغرب ادراك أنه جزء من أزمة التطرف والإرهاب الذي يجتاح العالم، وذلك إما بتوفير السلاح لهؤلاء القتلة، أو دعمهم أو السكوت على جرائمهم، بل يصل إلى أكبر من هذا، حيث نجد من يدعمهم ويؤيدهم علانية، خصوصا من هؤلاء من يقبعون في مواقع المسؤولية بالغرب، بل مثل هؤلاء هم أكثر تطرفا من حملة السلاح أنفسهم.
كلمة لوزيرة التضامن:
كنت أخطط أن أكتب مقالي هذا عن تبني الدكتورة غاده والي وزير التضامن الإجتماعي توجهًا ضد أصحاب المعاشات من خلال الطعن على حكم قضائي بات، يعطي جزءا من الحق لهذه الفئة، والتي تستفيد الدولة من أموالها في سد عجزها المالي في الميزانية، إلا أن الوزيرة تصر أن تعادي هذه الشريحة، رغم أن مسؤوليتها الدستورية هي الدفاع عنهم ورد حقوقهم، .. والسؤال الذي يفرض نفسه.. هل آن الأوان للوزيرة أن تصحح موقفها، حتى يذكر لها أصحاب المعاشات حسنة في تاريخها، أم أنها تصر على ترك سيرة سيئة لن ينساها الناس؟!.
-------------------
بقلم: محمود الحضري